انضم المغرب سنة 1956 إلى منظمة الأمم المتحدة وإلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص في مادته الثالثة على أنه " لكل فرد الحق في الحياة ".
وأكد دستور سنة 1996 على تشبث الدولة المغربية بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالمياً، إذ جاء في ديباجته " إدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، تتعهد (المملكة) بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا ".
كما صادق المغرب على مجموعة من المواثيق الدولية التي تنص على احترام حق الفرد في الحياة وفي الأمان على شخصه. و وقع على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية منذ شهر يناير 1977 و الذي ينص في مادته السادسة على أن " الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان ".
غير أن المغرب لم يقم بعد بالتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام و الذي تم اعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 15 ديسمبر 1989. يعد هذا العهد أول تنصيص ملزم بالإلغاء، إذ جاء في مادته الأولى على أنه " لا يعدم أي شخص خاضع للولاية القضائية لدولة طرف في هذا البروتوكول. وتتخذ كل دولة طرف جميع التدابير اللازمة لإلغاء عقوبة الإعدام داخل نطاق ولايتها القضائية ".
يعاقب التشريع المغربي بالإعدام على العديد من الجرائم التي يعتبرها خطيرة بحد ذاتها أو لاقترانها بظروف معينة اتسعت دائرتها مع وضع قانون مكافحة الإرهاب سنة 2003. وهذا عكس التوجه الذي نص عليه القرار 77/2002 الخاص بعقوبة الإعدام المعتمد من جانب لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من السنة نفسها، إذ يدعو القرار جميع الدول التي ما زالت تطبق عقوبة الإعدام إلى:
(أ) الحد، بشكلٍ مطرد، من عدد الجرائم التي يجوز فيها فرض عقوبة الإعدام؛
(ب) وقف تنفيذ أحكام الإعدام القائمة، تمهيداً لإلغاء عقوبة الإعدام بشكلٍ كاملٍ؛
(ج) توفير معلوماتٍ للجمهور عن تطبيق عقوبة الإعدام.
كما أن المشرع عمل على توسيع نطاق الظروف القضائية المخففة والأعذار القانونية، وفقاً للفصل 146 من القانون الجنائي، الأمر الذي مكن من تكييف العديد من القضايا الجنائية وأضفى مرونة كبيرة على السياسة العقابية. ولعل هذا ما يفسر العدد المحدود من الأحكام بعقوبة الإعدام بالنظر للحجم الكبير للعقوبات القصوى.
و تجدر الإشارة إلى أن المراجعة الأخيرة للدستور في يوليو2011 خصصت فصلا كاملا للحق في الحياة مما يمكن اعتباره خطوة هامة في مسار المنع النهائي لهاته العقوبة.
يمكن اعتبار أن المغرب يتجه حاليا كأول بلد عربي وإسلامي لإلغاء هاته العقوبة. رغم أنه مازال يعتمد ها في أحكامه التي يصدرها قضاته، لكنه نادرا جدا ما يتم تنفيذ هاته العقوبة منذ حوالي 14 سنة. ويثير نزوع المغرب إلى إلغاء الإعدام جدلا ونقاشا بين مناهضين للإلغاء يرون فيه خروجا على الشريعة الإسلامية، ومدافعين عن الإلغاء زاعمين أن هاته العقوبة تعتدي على حق أساسي من حقوق الإنسان ألا وهو حق الحياة.
على العموم، يمكن التأكيد أنه لا توجد اليوم بالمغرب مواقف عدائية تجاه الدعوة لفتح النقاش حول هذا الموضوع كما هو الحال في دول عربية و إسلامية أخرى تعتبر كل نقاش حول هذا الموضوع مساسا بالمعتقدات الدينية. وهذا يمكن أن يعتبر في حد ذاته مكسباً هاماً في مسيرة الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب.
للإحاطة بهذا الموضوع قسمنا هذا البحث إلى قسمين : القسم الأول خصصناه للبحث عن الحالات التي يكون فيها الإعدام هو العقوبة و كذلك تطبيق هاته العقوبة في الواقع، كما تطرقنا خلاله لأهم المحطات لبزوغ وتطور المطالبة بإلغاء هاته العقوبة؛ بينما خصصنا الجزء الثاني للبحث الميداني والذي من خلاله قمنا باستطلاع للرأي وبمقابلات مع مختلف المهتمين بالموضوع من جمعيات المجتمع المدني و أحزاب سياسية وفاعلين حقوقيين. كما أن إنجاز هذا البحث تواكب مع مراجعة دستورية هامة عرفها المغرب خصت العديد من التغييرات التي همت عدة ميادين. إذ أن الدستور خصص فصلا كاملا للحق في الحياة مما جعل الأمل سائدا في إلغاء نهائي وصريح لعقوبة الإعدام.
الفصل الأول :المقاربة المرجعية
القسم الأول: القانون الجنائي المغربي وعقوبة الإعدام
ينص القانون الجنائي المغربي على الإعدام لمعاقبة الكثير من الجرائم التي يعتبرها خطيرة وفي مقدمتها الاعتداء على الملك والأسرة المالكة، أمن الدولة الخارجي أو الداخلي، الاعتداء بالعنف الشديد على الأشخاص وإضرام النار. ولم تعرف المنظومة الجنائية المغربية أي تعديل من شأنه التقليل من وجود هذه العقوبة. بل إن الذي حدث هو الزيادة في عدد الجرائم ونوعها من خلال التعديلات المتعلقة بمحاربة الإرهاب سنة 2003. وسنعرض لذلك من خلال مختلف القوانين المغربية المرتبطة بعقوبة الإعدام.
أ- الأفعال المعاقب عليها بعقوبة الإعدام
يعاقب التشريع المغربي بالإعدام، الذي يعتبر من العقوبات الجنائية الأصلية، على العديد من الجرائم التي يعدها خطيرة بحد ذاتها أو لاقترانها بظروف معينة. ونجد هذا في العديد من الجرائم في القانون الجنائي الصادر بتاريخ 26 نونبر1962 بمقتضى الظهير رقم 413-59-1، في قانون العدل العسكري الصادر بمقتضى الظهير رقم 270-56-1 المؤرخ في 10 نونبر1956، في القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب المتمم للفصل 218 من القانون الجنائي المشار إليه وكذا الظهير المتعلق بزجر الجرائم الماسة بصحة الأمة.
ويمكن القول أن عدد الحالات التي يمكن الحكم فيها بالإعدام وفقاً للقوانين الأربعة المشار إليها تفوق 200 حالة على اعتبار أن كل مادة من مواد القوانين المشار إليها تتضمن عدة حالات. وهكذا ينطوي القانون الجنائي على 283 حالة منصوص فيها على عقوبة الإعدام يشملها 30 فصلاً من فصول هذا القانون وسنحاول التعرض لها من خلال ستة أجزاء:
- الاعتداء على حياة الملك أو الأسرة المالكة
- الفصول 163، 165 و 167.
- المس بسلامة الدولة الخارجية
- الفصول 181، 182، 185 و 190.
- المس بسلامة الدولة الداخلية
- الفصول 201، 202 و 203.
- المس بالنظام العام
- الفصول 235، 253 و 269.
- جرائم ضد الأشخاص
- الفصول 5ـ267، 392، 393، 396، 397، 463، 398، 5ـ411، 412، 474، 584، 591، 399، 438، 410، 580.
- حالة العودة إلى ارتكاب جريمة
- الفصل 155.
ب- قانون العدل العسكري
- الفرار إلى صفوف العدو (الفصل144 )
- جناية الفرار بالتواطؤ (الفصل 145)
- جناية التحريض على الفرار من الجندية (الفصل 151)
- جناية استعمال العنف مع جندي جريح (الفصل 164)
- تعمد إحراق أو تحطيم المباني والعمارات والسكك الحديدية والأسلاك والمراكز التلغرافية والتلفونية أو الطائرات أو السفن والمراكب والبواخر وجميع الأشياء العقارية (الفصول 170 و 171)
- تعمد جعل نفسية الجندي غير صالحة للخدمة العسكرية إذا كان الجندي أمام العدو أو محاولة ذلك (الفصل 175)
- تعمد الجندي جعل نفسه غير صالح للخدمة وكان أمام العدو (الفصل 179)
- الاستسلام أمام العدو أو تسليم الموقع دون أن تنفذ جميع وسائل الدفاع (الفصل 181)
- استسلام جنرال أو قائد (الفصل 182)
- أسير ينكث عهده ويلقى عليه القبض حاملاً سلاحاً (الفصل 183)
- المشاركة في مؤامرة قصد عرقلة تنفيذ ما يقرره الرئيس أو تحريض الجنود على الفرار (الفصل 184)
- إحالة وثائق لفائدة عدو (الفصل 185)
- التسرب المتنكر إلى مراكز عسكرية (الفصل 186)
- التحريض على الالتحاق بصفوف العدو (الفصل 187)
ج- قانون مكافحة الإرهاب
يشتمل قانون مكافحة الإرهاب على أغلبية الجرائم الواردة في القانون الجنائي التي أصبحت جرائم إرهاب لمجرد اقترانها بظروف أو شروط معينة. مما أدى إلى رفع عقوبات هذه الجرائم من السجن المحدد أو المؤبد إلى عقوبة الإعدام. وهكذا نجد أن الفصل 1-218 يتضمن عشرة أنواع من الجرائم المسطرة في القانون الجنائي تصبح جرائم إرهاب عندما تكون لها علاقة عمداً بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف.
وطبقاً للفصل 7-218 من قانون مكافحة الإرهاب فإنه يتم وضع الحد الأقصى لعقوبة الجرائم الواردة في الفصل 1-218 إذا كان الفعل المرتكب يشكل جريمة إرهابية بحيث تصبح العقوبة هي الإعدام إذا كانت العقوبة المقررة لها في القانون الجنائي هي المؤبد.
د- الظهير المتعلق بزجر الجرائم الماسة بصحة الأمة
ويضم ثلاثة فصول نعرض فصلين منها :
المادة 1:
يعاقب بالإعدام الأشخاص الذين قاموا عن تبصر قصد الاتجار بصنع منتوجات أو مواد معدة للتغذية البشرية وخطيرة على الصحة العمومية أو باشروا مسكها أو توزيعها أو عرضها للبيع أو بيعها.
المادة 2:
يعاقب عن الجرائم المبينة في الفصل الأول ولو سبق اقترافها تاريخ صدور ظهيرنا الشريف هذا.
ويجري التحقيق ويصدر الحكم فيها طبقاً لمقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في 22 شوال 1376 الموافق (23 مايو 1957) المغير بالظهير الشريف الصادر في 12 ذي القعدة 1378 الموافق (2 يونيو 1959) بشأن تنفيذ العقوبات بالإعدام وتكون موضوع إشهار بوساطة الإعلانات ضمن الشروط التي بينها بدقة عن كل حالة من الحالات قرار محكمة العدل.
القسم الثاني: تطبيق عقوبة الإعدام
مع استنفاد كل إجراءات الاستئناف والنقض، لا يجري حكم الإعدام إلا بعد رفض طلب العفو الذي يتم تقديمه بشكل عفوي من طرف النيابة العامة، وذلك بحسب الفصل 34 من الدستور المغربي. و فيما يلي فصول من قانون المسطرة الجنائية تؤطر تطبيق عقوبة الإعدام.
المادة 601: يتعين على النيابة العامة أن تنهي إلى علم وزير العدل كل قرار بعقوبة الإعدام بمجرد صدوره.
المادة 602: لا يمكن تنفيذ عقوبة الإعدام إلا بعد رفض طلب العفو.
إذا كانت المحكوم عليها امرأة ثبت حملها، فإنها لا تعدم إلا بعد مرور سنتين على وضع حملها.
تنفذ عقوبة الإعدام بأمر من وزير العدل رمياً بالرصاص، وتقوم بذلك السلطة العسكرية التي تطلبها لهذه الغاية النيابة العامة لدى المحكمة التي أصدرت القرار.
المادة 603: لا يكون التنفيذ علنياً إلا إذا قرر وزير العدل ذلك.
يقع التنفيذ داخل المؤسسة السجنية التي يوجد المحكوم عليه رهن الاعتقال بها أو في أي مكان آخر يعينه وزير العدل، وذلك بحضور الأشخاص الآتي بيانهم:
1- رئيس الغرفة الجنائية التي أصدرت القرار وإلا فمستشار من هذه الغرفة يعينه الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف؛
2- عضو من النيابة العامة يعينه الوكيل العام للملك لمحكمة الاستئناف التي أصدرت القرار؛
3- أحد قضاة التحقيق وإلا فأحد القضاة من محكمة المكان الذي سيقع به التنفيذ يعين من طرف رئيس المحكمة المذكورة؛
4- أحد كتاب الضبط من محكمة المكان الذي سيقع به التنفيذ؛
5- محامو المحكوم عليه؛
6- مدير المؤسسة السجنية التي يقع بها التنفيذ أو مدير السجن الذي كان المحكوم عليه معتقلاً به عندما يقع التنفيذ بمكان آخر؛
7- رجال الأمن الوطني أو الدرك الملكي المكلفون من قبل النيابة العامة؛
8- طبيب المؤسسة السجنية، وإذا تعذر ذلك، فطبيب تعينه النيابة العامة؛
9- إمام وعدلان، وإذا لم يكن المحكوم عليه مسلماً فيحضر ممثل الديانة السماوية التي يعتنقها المنفذ عليه.
المادة 604: إذا أراد المحكوم عليه أن يفضي بأي تصريح، فيتلقاه منه قاضي التحقيق أو القاضي المشار إليه في البند رقم 3 من المادة السابقة، بمساعدة كاتب الضبط.
المادة 605: يحرر محضر التنفيذ فوراً من قبل كاتب الضبط، ويوقعه كل من رئيس غرفة الجنايات أو المستشار المعين من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وممثل النيابة العامة وكاتب الضبط.
تعلق مباشرة بعد التنفيذ نسخة من هذا المحضر بباب المؤسسة السجنية التي وقع فيها التنفيذ وتبقى معلقة لمدة أربع وعشرين ساعة.
إذا وقع التنفيذ خارج المؤسسة السجنية يعلق المحضر بباب بلدية مكان التنفيذ.
المادة 606: لا يمكن أن ينشر عن طريق الصحافة أي بيان أو مستند يتعلق بالتنفيذ ما عدا المحضر المذكور، وإلا تعرض المخالف لغرامة تتراوح بين 10.000 و60.000 درهم.
المادة 607: تسلم جثة المحكوم عليه إثر التنفيذ إلى عائلته إذا طلبت ذلك، على أن تلتزم بدفنه في غير علانية، وإلا فيتم دفنه من طرف الجهات المختصة بمسعى من النيابة العامة.
الحالة الوحيدة التي يتم فيها التنصيص على تأجيل تنفيذ عقوبة الإعدام المحكوم هي وضعية المرأة التي ثبت حملها. وهو ما تفرضه مقتضيات قانونية تتجلى في كون الحكم بالإعدام يصدر ضد الأم الحامل وليس على الجنين الحي الموجود في بطنها الذي لو أعدمت أمه لامتد الإعدام إليه مع أنه غير مذنب.
القسم الثالث: المحطات الكبرى للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام
نادت أصوات حقوقية مغربية منذ عقود بضرورة إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب. وجدير بالذكر أن أول بادرة في المغرب تمثلت فيما تضمنه الميثاق الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب الذي أعلنت عنه خمس جمعيات حقوقية ومهنية بتاريخ 10 ديسمبر 1990، وهو الميثاق الذي نادى صراحة بإلغاء عقوبة الإعدام. لكن يمكن القول إنه مع الجرأة والشجاعة التي اتسمت بها هذه المواقف، لم ينجح هذا المطلب إلا مؤخراً في تجاوز دائرة بعض الجمعيات الحقوقية التي أدرجته ضمن قوانينها الأساسية، وأكدته في مجموعة من بياناتها وتقاريرها ومؤ ثمراتها.
ومن شأن عرض أهم مراحل هذا التحول النوعي أن يساعد على استخلاص دروس ثمينة في مجال النضال من أجل فرض مطلب إلغاء عقوبة الإعدام.
عملت جمعية المرصد المغربي للسجون، منذ تأسيسها سنة 1999، على إدراج مطلب إلغاء عقوبة الإعدام ضمن قانونها الأساسي، ومنذ ذلك الحين انكبت على بلورة الحجج والدعائم التي تمكن من إسناد هذا المطلب. وقد تم تتويج هذين المجهودين بتنظيم الندوة الدولية الأولى من نوعها في تاريخ المغرب بالدار البيضاء، بتاريخ 10 أكتوبر 2003، حول عقوبة الإعدام بالمغرب.
عالجت أشغال الندوة المنظمة تحت عنوان "عقوبة الإعدام بالمغرب بين القوانين الوطنية والمواثيق الدولية " موضوع عقوبة الإعدام كما تناوله التشريع الدولي والتشريع الوطني، إضافة لمحور إستراتيجية حركة حقوق الإنسان الدولية والمحلية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام. وقد شكلت هذه الندوة منعطفاً هاماً في تاريخ الحركة المناهضة لعقوبة الإعدام بالمغرب من حيث كونها حققت مكسبين هامين استهدفتهما إستراتيجية المرصد آنذاك وتأكدت أهميتهما فيما أسفرا عليه من نتائج في:
• استثمار فعال لقدرات الساحة الوطنية ولم شمل المناهضين الوطنيين لعقوبة الإعدام داخل إطار تنسيقي على المستوى الوطني؛
• صهر العمل المحلي ضمن سياقه العالمي من خلال تكثيف الحضور الفعال ضمن لجنة الإشراف على التحالف الدولي.
على المستوى الأول، من داخل أشغال ندوة أكتوبر 2003، انبثقت النواة الأولى للعمل التنسيقي، حيث تشكلت آنذاك لجنة التنسيق الوطنية بين أهم الجمعيات الوطنية المناهضة لعقوبة الإعدام بالمغرب كآلية وطنية لتنسيق جهودها من أجل حمل الدولة المغربية على الانخراط الفعلي في الدينامية الدولية الهادفة إلى إلغاء عقوبة الإعدام. وقامت منذ ذلك التاريخ بالعديد من التحركات والمبادرات التي مست مجالات التعبئة من خلال تنظيم تجمعات دراسية مع محامين وممثلي الأحزاب والنقابات ومختلف الجمعيات لحثها على المساهمة في دعم نشاط اللجنة معنوياً وأدبياً. كما أنجزت أنشطة للتوعية كعقد لقاءات بالطلبة في الجامعات والدعم للحملة بوضع عرائض للتوقيع من طرف المجتمع السياسي والمجتمع المدني وعموم المواطنين والمواطنات، تنظيم وقفات أمام البرلمان بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، إنجاز تحقيق عقب زيارة ميدانية لحي الإعدام بالسجن المركزي بالقنيطرة، وهو السجن الذي يأوي أكثر من 90 بالمائة من المحكومين بالإعدام، بتاريخ 19 أبريل 2005 وإصدار تقرير عنها بعثت منه نسخة مرفقة بمذكرة مطلبية إلى وزير العدل، مع إعطاء أهمية خاصة للتواصل عبر اللقاء بممثلي وسائل الإعلام لإمدادهم بتقارير ودراسات ومقالات حول الموضوع ليتسنى لهم دعم الحملة الوطنية التي أطلقت في 28 أبريل 2005 تحت شعار: " جميعاً من أجل إلغاء عقوبة الإعدام " وأيضاً الترافع من خلال المذكرة المرفوعة للحكومة المغربية في شخص السيد وزير العدل.
وكان لسنتين من العمل المتواصل في التعبئة والتوعية نتائج هامة تجلت أولاً في تفعيل النقاش حول عقوبة الإعدام بالمغرب واحتلاله الموقع الملائم ضمن اهتمامات الرأي العام المغربي.
من جانب آخر، ساهمت اللجنة في صياغة أول سؤال شفوي في مايو 2005 ضمن قبة البرلمان بخصوص موضوع عقوبة الإعدام ومشاريع الحكومة المغربية التي تنوي إلغاءها.
وكان من نتائج ولوج النقاش إلى البرلمان وضع مشروع اقتراح ينادي بإلغائها من التشريع المغربي من طرف أحد الفرق النيابية، ثم تنظيم اليوم الدراسي من طرف المجموعة النيابية بالبرلمان نفسها يوم 08 ديسمبر 2006 بحضور فرق نيابية أخرى وأعضاء اللجنة الوطنية.
على المستوى الثاني، مكن الحضور ضمن أشغال المؤثمر الأول للحركة المناهضة لعقوبة الإعدام في مدينة ستراسبورغ بفرنسا سنة 2001 من تلمس ضعف الاهتمام بالمنطقة العربية داخل مجال التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي تأسس آنذاك. وقد كان للصدى الذي عرفته الندوة الدولية للمرصد دور كبير في كسب تمثيلية لجنة التنسيق ضمن لجنة الإشراف على التحالف العالمي ضد عقوبة الإعدام والإسهام في الإعداد للمؤثمر العالمي الثاني ضد عقوبة الإعدام في مونتريال بكندا الذي خصص ندوات لمناقشة إشكالية عقوبة الإعدام بالعالم العربي بعرض تجارب بعض البلدان العربية، مثل: الأردن، تونس، لبنان، المغرب وبمشاركة وفود الجزائر، مصر، موريتانيا والبحرين. الأمر الذي جعل المؤ ثمر يؤكد في بيانه الختامي على أهمية بلورة إستراتيجية جوهرية داخل شمال إفريقيا والعالم العربي.
من جهة أخرى، استطاعت الدينامية المحلية التي عرفتها الحركة المناهضة لعقوبة الإعدام من تتويج وجود ممثل اللجنة الوطنية داخل لجنة الإشراف بإقناع أعضاء لجنة الإشراف الدولي بعقد الجمع السنوي للائتلاف الدولي بمدينة الدار البيضاء بتاريخ 19 و 20 يونيو 2006 و الذي حضرته وفود من 14 بلداً من أوروبا، أمريكا وإفريقيا وتميز بتنظيم يوم ثان على هامش الجمع العام خصص بالأساس لدراسة استراتيجيات العمل بالعالم العربي.
خلال هذا الجمع العام تم تبني قرار بإعطاء حيز هام لمنطقة العالم العربي وشمال إفريقيا خلال المؤتمر الثالث، وهو ما حصل. إذ تم خلال المؤثمر الذي عقد بباريس من فاتح إلى ثالث فبراير 2007 تخصيص محورين أساسيين يتعلقان بهذه المنطقة وهما: الإسلام وعقوبة الإعدام، ثم سبل العمل من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في العالم العربي واستراتيجيات العمل من أجل إلغائها.
عرف الاهتمام بموضوع عقوبة الإعدام تطورا مهما و فرض نفسه على الساحة السياسية المغربية بحيث أصبحت هناك مؤسسات سياسية وشبه رسمية تتبنى مطلب الإلغاء وتدافع عنه.
كما اهتم الإعلام المغربي بالموضوع. إذ كان هناك حدثان هامان ساعدا كثيراً في اختزال المسافات وتعميم الاهتمام بالموضوع على مستوى التراب الوطني. الحدث الأول هو تخصيص القناة الثانية برنامجا خاصا بتاريخ 6 أبريل من سنة 2005 لموضوع عقوبة الإعدام بالمغرب حضره مستشار وزير العدل ومدير المدرسة الحسنية للدروس الدينية، كما حضره محكوم سابق بالإعدام في إطار الحق العام، سبق أن قضى 23 سنة بالسجن واستفاد من الإفراج الشرطي. الحدث الثاني هو بث برنامج وثائقي (60 دقيقة) عن المحكومين بالإعدام حيث تمت محاورة مجموعة من المحكومين بالإعدام داخل زنازينهم، كما تم تقديم آراء مجموعة من الفاعلين والمسؤولين وآراء لعائلات المحكومين والضحايا. وقد ساهم هذان الحدثان في إحداث تغيير إيجابي لنظرة الرأي العام الوطني نحو عقوبة الإعدام.
إضافة لدور الإعلام المكتوب في ترويج أنشطة اللجنة التنسيقية وتغطية نشاطاتها التي بلغت ذروتها مع عقد اللجنة الوطنية ندوة صحفية للإعلان عن انطلاق برنامج الحملة الوطنية ضد عقوبة الإعدام باستضافة المدير التنفيذي لجمعية " معاً ضد عقوبة الإعدام " وكذلك بتغطية سلسلة الجلسات واللقاءات التشاورية التي دارت مع مختلف ممثلي الهيئات السياسية والنقابية، دون أن ننسى تغطية القنوات التلفزية للوقفة الناجحة أمام البرلمان من أجل التنديد باستمرار العمل بعقوبة الإعدام والمطالبة بإلغائها بتاريخ 10 أكتوبر 2005.
كما نظمت وزارة العدل المغربية بمدينة مكناس أيام (9 و10 و11 من سنة 2004) ندوة حول السياسة الجنائية بعنوان " واقع وآفاق ". وقد خصصت هذه الندوة التي اعتبرت مدخلاً لمشاريع مراجعة التشريع الجنائي المغربي لدراسة مجموعة من المواضيع القانونية والحقوقية التي تشغل بال الممارسين والمعنيين بمحاربة الجريمة واستهدفت البحث عن أجوبة ملائمة للحد من الجريمة ووضع تصورات حول نظام عقابي متطور يراعي ضرورات الإصلاح ويحقق الردع الكافي. وكانت التوصية التي خرجت بها المناظرة هي الحد من عقوبة الإعدام وانتهاج التدرج في إلغائها.
كما رخصت وزارة العدل لأعضاء اللجنة الوطنية لمناهضة عقوبة الإعدام بزيارة مطولة للسجن المركزي بالقنيطرة حيث توجد غالبية المحكومين بالإعدام بالمغرب و تم تحرير تقرير عن الزيارة مختوم بمجموعة من التوصيات وجهت لوزير العدل تطالب بتحسين شروط عيشهم وبضرورة إصدار عفو شامل من عقوبة الإعدام بتحويلها إلى عقوبة محددة. وقد برزت آثار المجهود في فك العزلة المضروبة عليهم واستفادة 25 منهم من العفو من عقوبة الإعدام وتحويلها إلى عقوبة السجن المؤبد.
على إثر هذه النتائج الهامة التي حققها مسلسل تكثيف أنشطة المرافعة والتشبيك تبينت أهمية استثمار الحقل السياسي، خصوصاً بعد استقطاب جملة من الوزراء والمسؤولين الكبار لمساندة مطلب الإلغاء الرسمي من ضمنهم وزير العدل آنذاك الذي سبق له أن صرح بذلك أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة (أعلن بمناسبة انعقاد الدورة 61 لجمعية حقوق الإنسان للأمم المتحدة على التزام المغرب بالتوجه نحو إلغاء عقوبة الإعدام) ، إضافة إلى حضور أشخاص رسميين وازنين في النقاشات وفي مختلف الأنشطة بهذا الخصوص.
وكانت مناسبة عقد المؤثمر الثالث لحركة مناهضة عقوبة الإعدام فرصة عامة من أجل إجراء لقاءات مباشرة مع الأمناء والكتاب العامين لأكبر الأحزاب السياسية، و ذلك من أجل دفعها لإعلان مواقفها ودعوتها لحضور الندوة الصحفية الدولية للإعلان عن المؤثمر الذي عقدت في الرباط بمقر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتاريخ 23 يناير 2007.
إذا أردنا الآن استقراء أهم المواقف التي تعرفها الساحة المغربية، فإن هناك مواقف تدعو إلى الإلغاء الجزئي (أي أن بعض الجرائم الخطيرة يجب أن يستمر العمل بعقوبة الإعدام بصددها وخصوصاً جريمة القتل العمد المقترن بظروف التشديد). وهناك موقف أكثر نضجاً يذهب في اتجاه الإلغاء التدريجي لهاته العقوبة على اعتبار ضرورة إعداد الرأي العام لتقبل موقف الإلغاء.
الفصل الثاني: المقاربة الميدانية
البحث المرجعي غير كاف لنحيط جيدا بالموضوع. لذا قمنا ببحث ميداني بهدف الوقوف على بعض المعطيات للكشف عن مواقف مختلف المنظمات المهتمة بإشكالية إلغاء عقوبة الإعدام و المرتكزات التي تستند إليها.
كما قمنا باستطلاع للرؤى لدى عينة تمثل شرائح المجتمع المدني و تتكون هاته العينة من 50 فردا استندنا في انتقائهم إلى المعايير التالية : الجنس، المستوى التفافي، السن، المهنة و الجانب السوسيو اقتصادي. و فيما يلي نتائج هذا الاستطلاع.
القسم الأول: آراء ومواقف الفاعلين الجمعويين والسياسيين من إلغاء عقوبة الإعدام
ارتكزت المقابلات التي أجريت مع فاعلين جمعويين وسياسيين حول إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب بالأساس على بعض الأسئلة المفتوحة تمكنا خلالها من رصد مواقف وآراء رسمية وغير رسمية حول موضوع إلغاء عقوبة الإعدام وكذا المعوقات السياسية والتشريعية والدينية التي تحول دون تطبيق هذا المبدأ بالمغرب. دون أن ننسى طبعا دور الائتلاف الوطني لمناهضة عقوبة الإعدام كآلية حقوقية للتواصل والتحسيس. و تجب الإشارة إلى أن هاته اللقاءات تمت قبل المراجعة الدستورية التي يعرفها المغرب حاليا والتي نصت على الحق في الحياة و سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني.
هذا وتميزت المقابلات التي تم إجراؤها مع العديد من الفعاليات الجمعوية والسياسية في مجموعها بتعاط إيجابي مع مسألة إلغاء عقوبة الإعدام، لا سيما في أوساط الفاعلين الجمعويين. إلا أن هذا لا يمنع من الإشارة إلى بعض المواقف المتحفظة والمعارضة من جانب الإسلاميين خصوصا حزب العدالة والتنمية.
أ- مواقف الفاعلين الجمعويين وأعضاء الائتلاف الوطني من أجل إلغاء عقوبة الإعدام
تعتبر الجمعيات الحقوقية وفي مقدمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من بين الهيئات النشيطة في الائتلاف الوطني لإلغاء عقوبة الإعدام وهذا ما يعكسه موقفها الصريح ومطلبها الداعي إلى الإلغاء الفوري لهذه العقوبة. فمطلب الإلغاء على حد تعبير رئيسة الجمعية خديجة الرياضي " يجد أساسه في ضرورة حماية الحق في الحياة كما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ". وفي نفس الاتجاه أكدت بقولها إن " الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سواء لوحدها أو كمكون من مكونات الائتلاف الوطني لإلغاء عقوبة الإعدام تناضل من أجل إلغاء هاته العقوبة باعتبارها انتهاكا للحق في الحياة، وكونها أيضا عقوبة لا إنسانية ".
نفس الموقف عبر عنه كمال لحبيب، عضو الائتلاف الوطني لإلغاء عقوبة الإعدام ورئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، خلال ندوة نظمها تجمع الديمقراطية والحداثة بالدار البيضاء يوم 30 مايو 2011 حول مقترحات الإصلاح الدستوري، حيث أكد على ضرورة " دسترة مبدأ إلغاء عقوبة الإعدام والتنصيص الدقيق عليه في مقتضيات الدستور الجديد ".
وفي نفس الاتجاه دعا الأستاذ عبد الرحيم الجامعي، المنسق الوطني للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، ضمن ندوة انعقدت بالرباط إلى " دسترة إلغاء عقوبة الإعدام وملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية في هذا المجال " . كما طالب الجامعي ب " ضرورة التنصيص في الدستور المرتقب على الحق في الحياة وإلغاء عقوبة الإعدام، انطلاقا من كون هذا الحق المقدس يشكل نواة حقوق الإنسان ولا يجب المساس به ". مضيفا أن " هاته العقوبة تشكل انتهاكا سافرا للكرامة الإنسانية والإبقاء عليها يتعارض مطلقا مع مبدأ حقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية ".
ومن موقعه كقانوني وحقوقي أكد الأستاذ محمد ماجدي، محام بهيئة الدار البيضاء، أنه لا يمكن أن يكون له " موقف مخالف لما تدعو إليه مجموعة من المنظمات والفعاليات الحقوقية الوطنية منها والدولية على اعتبار أن الحق في الحياة هو أسمى حق على وجه الأرض وبالابتعاد عن وسائل الاعتداء عليه كيفما كان مبررها حتما سيكون لذلك تأثيرا على حماية باقي الحقوق الأخرى ".
ب -الموقف الرسمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان
ومن منظور رسمي، أشار عبد الواحد الأثير، رئيس القسم المكلف بالممارسة الاتفاقية بكتابة التعاون والعلاقات الخارجية بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى أن " مطلب إلغاء عقوبة الإعدام كان من ضمن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أوصت بضرورة اعتماد منهج الإلغاء التدريجي للعقوبة، وذلك من خلال العمل على ملاءمة مقتضيات القانون الجنائي مع المبادئ الكونية لحقوق الإنسان " . كما أكد بأن " المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية يتبنى موقف إلغاء عقوبة الإعدام و أن تحقيق هذا المطلب الحقوقي يقتضي تعزيز الإطار الحقوقي والمؤسساتي ".
ج -مواقف الأحزاب السياسية
يشكل حزب العدالة والتنمية تيارا معارضا لإلغاء العقوبة، معتبرا أن ذلك الإلغاء سيعمل على الرفع من عدد الجرائم لأنه لن يوجد بذلك أي رادع يعمل على التقليص من تلك الجرائم الموجبة للعقوبة.
ويوجد إلى جانب هذا الموقف الرسمي للحزب موقف شخصي وسط عبّر عنه المحامي وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية مصطفى الرميد بقوله " لسنا مع الإلغاء الكلي للعقوبة ولامع إبقاء الوضع على ما هو عليه لأنه مخيف ومفزع ولا يوفر للمتهمين الضمانات الكافية " ، وأضاف " نحن مع مراجعة الجرائم التي نص القانون على عقوبتها بالإعدام وحصرها في حالة الجرائم الخطيرة ". كما اعتبر أن الجرائم السياسية يجب أن تستثنى من الحكم بتلك العقوبة.
دعا الرميد أيضا إلى إعمال آلية العفو من طرف ذوي الضحايا لإبعاد تلك العقوبة عن الجاني و يرى أنه لا يجوز تنفيذ العقوبة إلا بعد مرور فترة معقولة (10 سنوات) تفاديا للخطأ الذي من المحتمل أن تقع فيه الهيئة القضائية.
وبالمقابل عبر محمد معزوز، القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، عن موقف حزبه من دسترة عقوبة الإعدام بقوله" انسجاما مع طروحات الانتصار لمبادئ حقوق الإنسان قلنا بإلغاء عقوبة الإعدام ". مشيرا إلى أن " هناك دعوات إلى أنسنة Humanisation العقوبة في سياق الحراك الحقوقي للمجتمع الدولي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ".
وفي نفس الاتجاه قال عبد الواحد الراضي، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، " إن للمغرب رغبة كبيرة للعمل على أن لا تنطق المحاكم مثل تلك الأحكام التي لم تعد مقبولة ".
القسم الثاني: معوقات إلغاء عقوبة الإعدام
أ- معوقات تشريعية
توضح خديجة الرياضي (رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان) العوائق التشريعية التي تحول دون إلغاء عقوبة الإعدام من خلال التركيز على الوثيقة الدستورية التي تخلو من أي تنصيص على " الحق في الحياة كقيمة إنسانية وكإحدى الثوابت التي يجب أن يتأسس عليها الدستور إضافة إلى ثوابت أخرى كالحرية والمساواة والكرامة والتضامن ". كما تتجلى هذه العوائق من منظورها في كون أن " الدستور لا ينص على سمو الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان على التشريع المحلي على الرغم من أنها ضمن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي لم يتم تنفيذها بعد ".
ومن جانب آخر، يرى عبد الواحد الأثير أن المغرب اليوم في حاجة إلى " ضرورة ملاءمة المنظومة الجنائية الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وذلك من خلال تبني سياسة جنائية جديدة تأخذ بعين الاعتبار مركزية حقوق الإنسان والتطورات الاجتماعية والتكنولوجية التي يشهدها العالم اليوم ".
ب- معوقات سياسية
تعتبر خديجة الرياضي أن العائق السياسي الذي يحول دون تطبيق مبدأ إلغاء عقوبة الإعدام يكمن في " غياب الإرادة السياسية الحقيقية لدى الدولة في الالتزام بتطبيق حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا وكذا غياب الإرادة في تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي نصت على تصديق المغرب على البرتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام ".
ومن جانب آخر، يرى عبد الواحد الأثير أن هذه المعوقات تنحصر بالأساس في مواقف بعض الأحزاب والجماعات ذوو توجهات إسلامية مثل حزب العدالة والتنمية، جماعة التوحيد والإصلاح وجماعة العدل والإحسان.
فقد سبق أن انتقد مصطفى الرميد، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، مطالبة الاتحاد الأوروبي المغرب بإلغاء عقوبة الإعدام رسميا كدليل على " القيم المشتركة التي تجمع الطرفين في إطار الوضع المتقدم للمملكة "، معتبرا ذلك " تدخلا في التشريعات المغربية، ونحن نرفض بشكل مطلق الخضوع للاتحاد الأوروبي ". يضيف الرميد مؤكدا، في تصريح صحافي، أن " أخطر ما يتهددنا من خلال هذا المطلب أن يعتبر الوضع المتقدم للمغرب وسيلة لابتزازه وفرض أجندة تشريعية وقيمية عليه ". وشدد عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية على أن المغرب " دولة مستقلة ومن حقها فرض تشريعات تلائم قيمها ومصالحها " وأكد أن " لا مجال لأي خضوع لأي أجندة تشريعية أجنبية تجعل من المغرب وكأنه جزء من الاتحاد الأوروبي "، معربا عن استغرابه مما وصفه ب " الضجيج " الذي يصاحب الحديث عن عقوبة الإعدام ما دام هناك في الواقع ما يبررها، وما دامت لا تنفذ، ولم يشتكي منها أحد ".
من جانبها تعبر جماعة العدل والإحسان بلسان قادتها على أن مطلب إلغاء عقوبة الإعدام الذي نادت به توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة يعد " مجرد تزيين لواجهة للنظام ".
ج- معوقات دينية
تشكل منظومة القيم الدينية من وجهة نظر العديد من المؤيدين لإلغاء عقوبة الإعدام إحدى أهم العوائق التي تحول دون تطبيق هذا المبدأ. وفي هذا الصدد ترى خديجة الرياضي " أن الدولة عادة ما تعتمد المرجعية الدينية في بعض القضايا مسجلة بذلك تناقضات صارخة، حيث تتخلى في بعض الأحيان عن تلك المرجعية كقطع يد السارق، وجلد الزاني والزانية مثلا أو في بعض القوانين التجارية بينما تتشبث بها في مسألة عقوبة الإعدام وفي التمييز بين النساء والرجال في الحقوق داخل الأسرة ".
وبالمقابل يرى محمد ماجدي أن " الحديث عن عوائق كيفما تم وصفها تحول دون تحريم عقوبة الإعدام وإلغائها هو نوع من الهروب إلى الأمام، والاستنجاد بمنظومات سواء كانت مستندة إلى الدين أو السياسة أو غير ذلك يخفي طبع الاستبداد في سلوك المحافظين الذين يعارضون إلغاء العقوبة، وللإشارة كان موقف المحافظين ضد جميع التغيرات والتطورات التي يعرفها المغرب ودائما يكون سندهم إما الدين أو النمط السياسي أو الأعراف، الخ. فعلى سبيل المثال استحضر مواقف هؤلاء من مدونة الأسرة فلم يترددوا في التصدي لها بدعوى معارضة نصوصها لنصوص دينية أو أعراف كما هو الشأن بالنسبة للتعدد، إلا انه بتوفر إرادة حقيقية لدى من يتحكم في السلطة لم تعد تظهر أية عوائق وأصبح الكل يصفق للحد من التعدد عبر تقنينه وتقييده بقيود صارمة ".
هذا ويخلص إلى " أنه لا وجود للعوائق وان كانت هناك نصوص قانونية كيفما كان مصدرها تجيز عقوبة الإعدام فحتما يبقى هدف الحركات المطالبة بإلغاء العقوبة هو إلغاء العمل بهذه النصوص ".
أما الدكتور أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية بالمغرب، فيؤكد أنه لا يرى جدوى من وراء الإلغاء الكلي لعقوبة الإعدام، حيث يعتبر أن جرائم الرأي مثلا سواء كانت تتعلق بالسياسة أو الدين أو الإيديولوجيا لا ينبغي أن تكون فيها عقوبة للإعدام، عكس جرائم أخرى تهدر فيها الأرواح البشرية بقساوة وفظاعة فلا يمكن إلا أن يعاقب مرتكبوها بالإعدام. وبالتالي، يضيف الخمليشي، الإلغاء الكلي لعقوبة الإعدام فيه نوع من إهدار المبادئ التي يعيش من أجلها الإنسان، فالحياة هبة من الله وحق مقدس ولكن من يدوس على هذه الحياة ويعتدي عليها لا يمكن القول إنه يستحق أن يعيش وأن لا يعاقب بالإعدام لأن حقه في الحياة مقدس. ليخلص الخمليشي إلى أن إلغاء الإعدام هو بمثابة إفراط في ما يسمى بحقوق الإنسان، مضيفا أن مقولة " يجب أن يُصْلح الجاني لا أن يُنتقم منه " فيها نوع من المبالغة. فهناك جانبان في المسألة : جانب الإصلاح وجانب الردع. ولا يمكن البتة إلغاء الإعدام في حالات بعض قتلة الأطفال مثلا أو السفاحين بدعوى قداسة الحياة، لأنه حتى أولئك الضحايا لهم حق في الحياة، وليس عدلا أبدا أن تتم حماية مثل بعض المجرمين الذين يعيثون في المجتمع فسادا ويزرعون الرعب في النفوس تحت غطاء حقوق الإنسان.
بالمقابل يعتبر الأستاذ ادريس لكريني أن من يتزعم الاتجاه الرافض لإلغاء الإعدام بالمغرب هم عدد من الإسلاميين يعارضون التدخل في شؤون الشريعة الإسلامية بالإلغاء أو التعديل، ويرفضون هذا الإلغاء بدعوى أن العقوبة وردت في القرآن ولأهميتها وضرورتها في مكافحة الجرائم الخطيرة وردع المجرمين. فهي لا تطبق إلا على من قتل غيره ظلما وعدوانا وليس في ذلك قسوة أو ظلم. وهي امتداد لتكريم الإنسان وحماية روحه وحقوقه، كما أنها تشكل مدخلا لتلافي حدوث جرائم أكثر قسوة وشراسة في المجتمع.
ويوضح السيد ولد القابلة أن الدعوة لإلغاء الإعدام ليست دفاعا عن مرتكبي الجرائم ولكن منعا لمعالجة الجريمة بجريمة أقسى وأبشع منها. ولا تتناقض هذه الدعوة مع تعاليم الشريعة التي وإن كانت أقرت تلك العقوبة لكنها فضلت عقوبة أخرى عليها، وهذا ما تنص عليه الآية 178 من سورة البقرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. ففي هذه الآية يتبين أن بديل الإعدام لا يصل إلى السجن المؤبد بل هو الأداء أو الدية. ويخلص الباحث المغربي إلى أنه لا توجد في الشريعة الإسلامية ما يسمى بعقوبة الإعدام، وإنما هناك القصاص المطبق في جرائم القتل العمد والذي يمكن الاستغناء عنه بعقوبة أخرى لا تزهق الروح وهي الدية أي دفع التعويض إذا ما عفا ذوو المجني عليه عن الفاعل. أما في الجرائم غير العمدية وغير المتعمدة فلا يجوز مطلقا إيقاع عقوبة القصاص أو إزهاق الروح، ويكون الجزاء هو دفع الدية فقط.
وبعيدا عن هذا الاختلاف في المواقف، يبرز الأستاذ لكريني أن الدراسات والأبحاث الميدانية تؤكد أن اعتماد عقوبة الإعدام لا يشكل بالضرورة مدخلا حاسما للحد من تنامي الجرائم الخطيرة، طالما لم يتم الوقوف على مختلف العوامل والأسباب التي تغذي السلوك الإجرامي (تربوية، نفسية، اجتماعية، سياسية...). فقد نجحت مجموعة من الدول التي ألغت هاته العقوبة في الحد من تزايد حدة هذه الجرائم الخطيرة التي كانت تواجه بهاته العقوبة من خلال اعتمادها لمجموعة من التدابير والإجراءات الفعالة.
د- إلغاء عقوبة الإعدام والقرار السياسي الملكي
تفادى جميع الفاعلين الجمعويين الذين تمت مقابلتهم الإجابة عن السؤال حول ما إذا كان إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب مرتبطا بإرادة المشرع أم بقرار سياسي من أعلى سلطة بالبلاد بصفته أمير المؤمنين.
إلا أنه باستثناء خديجة الرياضي التي أجابت عن هذا السؤال بجرأتها النضالية المعهودة، إذ تعتبر أن " البرلمان المغربي فاقد للسلطة لأنه فاقد للتمثيلية وبالتالي للشرعية الشعبية وهذا ما يجعله ضعيفا وغير قادر على اتخاذ قرارات كبيرة ومهمة مثل إلغاء عقوبة الإعدام. كما أن الأحزاب المكونة للبرلمان بدورها ضعيفة. كما أن الدستور لا يٌمَكن هذا البرلمان من السلطة التشريعية حتى وإن كان هذا البرلمان تمثيليا حقا. فالسلطات في الدستور الحالي هي ممركزة في يد المؤسسة الملكية. لهذا فالمشرع الحقيقي هو المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك وبالتالي فهو يتحمل مسؤولية كبرى في الإبقاء على هذه العقوبة. أما أن يتخذ هذا القرار في إطار الفصل 19 للدستور باعتبار الملك أميرا للمؤمنين، فالجمعية المغربية لحقوق الإنسان تناهض هذا الفصل ولا يمكن أن تطالب باستعماله حتى وإن كان للوصول إلى هدف من هذا القبيل. لأن هذا الفصل هو مناقض للديمقراطية وبالتالي لحقوق الإنسان ولدولة الحق والقانون التي تصبو إليها وتناضل من أجلها " (تم إجراء هذا اللقاء قبل فاتح يوليو).
وفي سياق تعليقها عن قرار العفو الملكي الأخير الذي شمل معتقلين في قضايا الإرهاب، وبالتالي التخفيف من عقوبة الإعدام إلى السجن المحدد، وما تحمله هذه المبادرة من إشارة سياسية لتقدم وتوجه المغرب نحو إلغاء هذه العقوبة، اعتبرت أنها " استجابة لمطلب حقوقي، وأن الملك بنفسه اعترف أن محاكمات المعتقلين على خلفية أحداث 16 مايو عرفت تجاوزات، دون أن يفتح أي تحقيق في طبيعة تلك التجاوزات ". كما أضافت أن هذا يشكل " سندا آخر يعزز مطلب إلغاء عقوبة الإعدام، أي خطورة الحكم بهاته العقوبة من طرف قضاء يستعمل من طرف الدولة لخدمة أغراض سياسية أو عندما يخطئ القضاء ويجانب الصواب لسبب من الأسباب وهو ما يمكن أن يقع في الدول التي تتميز بقضاء أكثر عدلا ".
ومن جانبه اعتبر الأستاذ محمد ماجدي أن " العفو الملكي جاء لتصحيح أخطاء وتجاوزات القضاء في هذا الملف وبالتالي لا يحمل أية إشارة بشأن موضوع إلغاء العقوبة وإن كان الأمر خلاف ذلك فكان من المفروض أن يطال العفو جميع المحكومين بالإعدام و لا يطال فئة دون أخرى ".
ه- الائتلاف الوطني لمناهضة عقوبة الإعدام كآلية حقوقية للتواصل والتحسيس
تجمع جميع الهيئات الحقوقية على غياب أي إشارة سياسية رسمية من طرف الدولة في اتجاه إلغاء عقوبة الإعدام من خلال التصويت على توصية هيئة الأمم المتحدة بشأن توقيف النطق بالأحكام وتنفيذ عقوبة الإعدام في أفق إلغائها، خاصة وأن المغرب لم يشهد تنفيذا لهاته العقوبة منذ 1993، إلا أنه امتنع عن التصويت 3 مرات.
إلا أن إلغاء عقوبة الإعدام لا زال يشكل مطلبا حقوقيا أساسيا للعديد من الجمعيات الحقوقية الوطنية المشكلة للائتلاف الوطني باعتباره شكلا من أشكال الحراك الحقوقي لمناهضة عقوبة الإعدام بالمغرب.
وعبّر الحقوقي عبد الرحيم الجامعي بكون العمل على مناهضة عقوبة الإعدام " لا يجب أن يقتصر على تحركات فردية أو جزئية أو مرحلية "، داعيا إلى " تكتل واسع وعمل متواصل، شمولي ومتعدد الأبعاد، من أجل رفع الوعي العام وسط النسيج المجتمعي والتواصل والتحسيس بضرورة إلغاء هاته العقوبة".
كما أوضحت خديجة الرياضي أنه " يمكن تصنيف الحملات من أجل عقوبة الإعدام إلى صنفين : تلك الموجهة إلى المؤسسات وتلك الموجهة إلى عموم المواطنين والمواطنات ".
فالأولى حملات إيجابية حيث وصلت للعديد من المؤسسات كالمؤسسة التشريعية أو المؤسسة القضائية أو المؤسسات التعليمية أو المؤسسات الحزبية والنقابية. وعمل الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام العديد من الحملات تجاه تلك المؤسسات من خلال الندوات التي نظمت داخل البرلمان واللقاءات التي تمت مع الأحزاب والنقابات والمذكرات الموضوعة لدى الحكومة بهذا الصدد. هناك أيضا ما تقوم به الهيآت الحقوقية من دورات تكوينية للأطفال والشباب في إطار برامج التربية على حقوق الإنسان. إلا أن هذا يوضح أن الحملات التحسيسية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام لا تتجاوز الإطار المؤسساتي إلا عندما تنظم ندوات عمومية ووقفات تحسيسية في الشارع وهي أنشطة لا تمس بدورها إلا النخبة دون أن تصل إلى عموم المواطنين والمواطنات المستهدفين المفترضين من الحملات التحسيسية. ولابد من تسجيل أن الحركة الحقوقية شبه مقصية من الإعلام السمعي البصري الذي لازالت تهيمن عليه الدولة وتمرر فيه مواقفها وتصوراتها ونادرا ما يفتح في وجه الحركة الحقوقية في مواضيع حساسة من هذا القبيل، علما أن التلفزة هي الوسيلة الأكثر تأثيرا في مجتمع لازال نصفه يعاني من الأمية. ولابد من تسجيل أن الائتلاف كان ينظم كل الحملات السابقة بإمكانياته الخاصة وما تقدمه مكوناته من مساهمات، بينما الحملات تتطلب ميزانيات كبيرة وهو ما جعل الائتلاف يوقع اتفاقية شراكة مع الإتحاد الأوروبي في إطار برنامجه لدعم أنشطة حقوق الإنسان.
القسم الثالث: بحث ميداني
نشير في البداية إلى أن نتائج استطلاع الرأي الذي أنجزه فريقنا البحثي كانت في غاية الأهمية، إذ اعتمدت بالأساس على عينات استهدفها التحقيق حسب الوضع الاجتماعي لكل واحد منها ( إطار عالي، مستخدم، طالب، عاطل). وقد تم تحديد عدد هذه العينات التي استهدفها التحقيق في 50 فردا، موزعين بين عاصمتي البلاد الاقتصادية والإدارية (الدار البيضاء - الرباط). وخلصت نتائج هذا التحقيق، إلى أن 26 من الأفراد يؤيدون (مع) إلغاء عقوبة الإعدام، في حين أن 34 فردا يعارضون (ضد) إلغاء هذه العقوبة.
أ- مختلف تبريرات المؤيدين لإلغاء عقوبة الإعدام
- إن عقوبة الإعدام فعل غير مقبول، إذ من غير المعقول نزع الحق في الحياة من أي إنسان مهما كان السبب؛
- إلغاء عقوبة الإعدام احترام لمبدأ الحق في الحياة كما هو منصوص عليه في الاتفاقيات و المواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان؛
- هاته العقوبة تتعارض مع مبدأ الأنسنة؛
- هاته العقوبة أثبتت في الكثير من الأحيان أنها غير ردعية؛
- هاته العقوبة تلغي إمكانية الـتأهيل، كما تحول دون تمكن الأفراد المحكومين بها من فرصة ثانية؛
- الحكم بالسجن المؤبد أهون من وضع حد لحياة إنسان؛
- بالإضافة إلى مسها بالحق في الحياة، فإن هاته العقوبة بأساليبها البشعة والعتيقة ضد مبادئ الكرامة الإنسانية؛
- كل واحد منا له الحق في الحياة ولو كان مجرما؛
- الإعدام عقوبة بشعة، ويجب على المنظمات الحقوقية أن تزيد في ممارسة ضغطها على السلطة السياسية من أجل إلغائها، لأنها تمس بحق الإنسان في الحياة.
ب- مختلف تبريرات المعارضين لإلغاء عقوبة الإعدام
- الإبقاء على عقوبة الإعدام ضروري لمكافحة الإرهاب والقضاء النهائي على الإرهابيين؛
- من يقتل يستحق هذه العقوبة؛
- المجرمون في حالة العودة يشكلون خطرا حقيقيا على المجتمع لا سيما في جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال؛
- الإعدام عقوبة ردعية ضرورية للمجرمين؛
- لابد من قمع أي قاتل؛
- بعض المجرمين في حالات العودة يمكن أن يشكلوا خطرا حتى داخل السجن؛
- بقاء عقوبة الإعدام من شأنه أن يحافظ على حياة العديد من الضحايا، كما أنها تحمي المجتمع.
خاتمة: المراجعة الدستورية الحالية، تقدم هام نحو إلغاء عقوبة الإعدام
ينص الدستور المغربي الجديد، الذي تمت المصادقة عليه في استفتاء شعبي بتاريخ 1 يوليو2011، في فصله 20 " الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان و يحمي القانون هذا الحق ". و تعتبر هذه أول مرة ينص فيها الدستور المغربي على الحق في الحياة، فالدساتير السابقة كانت تنص على أهمية حقوق الإنسان بصفة عامة. وقد تم اعتبار هذا التغيير على مستوى الدستور بأنه خطوة إلى الأمام في سياق الإلغاء. و خلال جلسة الافتتاح للجمع العام للائتلاف العالمي ضد عقوبة الإعدام و الذي عقد لأول مرة في بلد عربي بتاريخ 25 و 26 يوليو 2011 بمدينة الرباط، أكد أحد أهم المسؤولين بوزارة العدل، السيد عبد النبوي، مدير الشؤون الجنائية، على " أن التنصيص على الحق في الحياة بصيغته الجديدة في الدستور خطوة مهمة و تدريجية في طريق إلغاء عقوبة الإعدام " و " أنه شخصيا مع هذا الإلغاء ".
و يبلغ حاليا عدد المحكومين بالإعدام بالسجون المغربية 103 أشخاص بينهم امرأتان ينتظرون التنفيذ، العفو أو الإلغاء. وفي لقاء مع جريدة لوفيغارو الفرنسية، قال السيد عبد اللطيف المنوني، رئيس اللجنة المكلفة باقتراح التعديل الدستوري، " إن تخصيص فصل في الدستور الجديد للحق في الحياة هو تعبير واضح وصريح على الرغبة في الإلغاء " وأضاف " إن الكرة هي الآن عند البرلمان الذي عليه أن يتخذ الإجراءات التشريعية اللازمة للإلغاء ".
هذا وتجدر الإشارة إلى أنه من المنتظر أن يعرف القانون الجنائي مراجعة مهمة ستهم بالأساس التقليص من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام والتي سيصبح عددها ستة. كما أن هذا التغيير سينص على أن كل حكم بالإعدام سوف يتطلب إجماع القضاة المكلفين بالملف. وقد تم عرض مشروع مراجعة القانون الجنائي على المجلس الوطني لحقوق الإنسان ليبحث في ملائمة التغييرات مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
إن الدستور المعدل في صيغته الحالية من خلال المراجعة الدستورية الأخيرة قد نص على سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني. ففي وقت سابق كان غياب هذا الاعتراف الصريح من جانب المشرع الدستوري المغربي يطرح مشكلة كبيرة وطالما نادت بذلك العديد من المنظمات والجمعيات الحقوقية.
وفي الختام، يمكن أن نخلص إلى أن المغرب يعبر بشكل إيجابي عن رغبته في إلغاء عقوبة الإعدام لكن بشكل تدريجي يسمح بإعداد الرأي العام لهاته الخطوة المهمة، خصوصا الرافضين لهذا القرار وعلى رأسهم الإسلاميين. كما يجب التذكير بأن رغبة المملكة في تقوية علاقتها مع الاتحاد الأوروبي تدفعها إلى مواصلة مراجعة تشريعاتها والرغبة الواضحة في الانضمام للبروتوكول المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام.
Ecrit par Mme Nadia Kinana Docteur en Droit Public et Sciences Po
الملاحق
استمارة استطلاع الرأي حول إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب
|__|__| |___|___| |___|___|___|تاريخ المقابلة
|__|__| |___|___| |___|___|___|الهوية (المرجو عدم ملئ هذه الخانة)
|__|__| |___|___| |___|___|___|الجهة
|__|__| |___|___| |___|___|___| العمالة
|__________________________| الوضع الاجتماعي
(إطار عالي/ مستخدم/ طالب/ عاطل)
الأسئلة
هل أنت مع أو ضد إلغاء عقوبة الإعدام؟
مع ضد
|___| |___|
ما هي تبريراتك لهذا الموقف؟
………………………………………………………………………….
………………………………………………………………………….
المراجع[i]
- Sources primaires
- Textes internationaux
- Charte des Nations Unies du 26 juin 1945
- Déclaration universelle des droits de l’Homme du 10 décembre 1948
- Deuxième Protocole facultatif se rapportant au Pacte international relatif aux droits civils et politiques, visant à abolir la peine de mort du 15 décembre 1989
- Pacte international relatif aux droits civils et politiques du 16 décembre 1966
- Textes nationaux
- Code de la justice militaire
- Code de procédure pénale du 03 octobre 2002 tel que modifié et complété
- Code pénal du 26 novembre 1962 tel que modifié et complété par la loi n° 03.03 relative à la lutte contre le terrorisme
- Constitution du 07 octobre 1996
- Dahir du 29 octobre 1969 relatif à la répression des crimes contre la santé de la nation
- Dahir du 17 juin 2011 soumettant à référendum le projet de la Constitution
- Sources secondaires
- Ouvrages
- BLANC (François-Paul), « Droit pénal général marocain », Casablanca, Sochepress, 1984, 176 p.
- BOUSSETTA (Mourad), « Principes élémentaires de la procédure pénale marocaine », Marrakech, Imprimerie Papeterie El Watanya, 2ème édition, 2006, 352 p.
- Centre for capital punishment studies, « Document d’information sur la peine de mort », University of Westminster, 69 p.
- Coalition mondiale contre la peine de mort, « La lutte contre la peine de mort dans le monde arabe : les militants, les arguments et les perspectives », 2ème édition, 2010, 60 p.
- COHEN-JONATHAN (Gérard) et SCHABAS (William) (dir.), « La peine capitale et le droit international des droits de l’Homme », Paris, Editions Panthéon-Assas, 2003, 275 p.
- Conseil consultatif des droits de l’Homme et Ensemble contre la peine de mort, « Séminaire de réflexion sur la peine de mort, Rabat 11-12 octobre 2008 », Rabat, Conseil consultatif des droits de l’Homme, Série « Séminaires », 2008, 61 p.
- Instance équité et réconciliation, « Synthèse du rapport final », 49 p.
- RUOLT (Adolphe), « Code pénal annoté », Rabat, Institut national d’études judiciaires, 1996, 622 p.
- Contribution
- HMIMNAT (Salim), « Towards the complete abolition of capital punishment in Morocco : possibilities and constraints », in Center for capital punishment studies « 2010 internship reports », University of Westminster, 2010, pp. 88-101
- Articles
- BENNANI (Driss), « Abolition de la peine de mort sept raisons d’y croire », Telquel, n° 480, 08 juillet 2011, pp. 46-47
- BENNANI (Driss), BOUDARHAM (Mohammed), IRAQI (Fahd), « Nouvelle constitution. Plus Roi que jamais », Telquel, n° 479, 1er juillet 2011, p. 18
- MEDAD (Youssef), « Abolition de la peine de mort entre l’élimination progressive et totale », intervention lors de la conférence régionale de la peine de mort, Oman, 02 et 03 juillet 2007
- Sites internet
- http://www.abolition.fr/ecpm/index.php
- http://www.worldcoalition.org/modules/accueil/
- http://www.un.org/fr/rights/
- http://www.ohchr.org/EN/Pages/WelcomePage.aspx
- http://www.jeuneafrique.com/Article/DEPAFP20110625102934/
الفهرس
مقدمة عامة1…………….…………………………………………………………………………………………
الفصل الأول: المقاربة المرجعية3……………………………………………………………………………….
القسم الأول: القانون الجنائي المغربي وعقوبة الإعدام3…………………………………………………….
القسم الثاني: تطبيق عقوبة الإعدام5……………………………………………………………………………
القسم الثالث: المحطات الكبرى للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام6……………………………………………
الفصل الثاني: المقاربة الميدانية9……………………………………………………………………………….
القسم الأول: آراء ومواقف من إلغاء عقوبة الإعدام9……………………………………………………….
القسم الثاني: معوقات إلغاء عقوبة الإعدام11…………………………………………………………………
القسم الثالث: بحث ميداني14……………………………………………………………………………………
خاتمة: المراجعة الدستورية الحالية، تقدم هام نحو إلغاء عقوبة الإعدام15……………………………….
17…........................................................................…………………………….الملاحق
المراجع.......................................................................................................18
الفهرس.......................................................................................................21
ارتأينا الإشارة إلى المراجع المعتمدة في إنجاز هذا البحث باللغة الفرنسية عوض اللغة العربية لكون معظمها محررا باللغة الفرنسية.[i]